لا نعتقد أن مسلسل (نور ) التركي والمدبلج إلى العربية الذي يعرض على (أم بي سي 4)من صناعة البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) التي تموّل محطّات أم بي سي. ولا يمكن الدخول في جدل (وهم )أن مسلسل (نور ) التركي المدبلج باللهجة الشامية قد انتج بهذه الصيغة الرومانسية لنسف منظومة القيم العربية/ أو هو صنع للعرب بامتياز. كما لا يجوز الخلط بين مسلسل (باي الحارة) ومسلسل (نور) ، على اعتبار ان (باب الحارة) جاء تمهيداً لـ (نور).
كما أن المشاهد الرومانسية والحميمية بين الأزواج الأتراك أو الأحباء قائمة على القبول والموافقة وليس الغصب والاجبار.. وقائمة على الحرية ومنظومة قيم أوروبية بخليط من بقايا آثار دينية في طريقها للزوال مع اندفاعة العلمانية ومظاهر الحضارة المتعددة.
للمرة الأولى يشاهد المواطن العربي دراما عالمية من نوع جديد. المقصود علاقات الحب بين الأزواج وليس بين المراهقين والشباب. إنها علاقات حب شرعية وعادية بين أزواج وهذا ما يميّز الفيلم ويدخله إلى الأسرة العربية بامتياز ويسر شديدين.
وإذا بات الحب بين الأزواج مسألة غزو ثقافي فيعني أن الحب من أساسه قيمة خاطئة(في منظومة القيم المجتمعية).
يقول أحد النقاد عن المحطات التي تبث حصرياً مسلسل (نور) :
(مجموعة أم بي سي من أذاعه ومجله وجريده صنعتها وزارة الحربية الامريكيه (البنتاجون) التي تقوم بتمويل 3 قنوات منها تمويلا كاملا وتقارير الوزارة المصادق عليها من قبل كولين باون وزير الحربية أيام حرب الخليج ليست خافيه اليوم).
لست من المدافعين عن (mbc)ولكن النجاح الإعلامي الذي حققته هذه القنوات يستحق الاهتمام والملاحظة والتحليل. فبينما تدير وزارة الدفاع الإميركية أم بي سي ، يمتلك الأمير السعودي وليد بن طلال أكبر برجين في تل أبيب!!! وهذه معلومات يتداولها المثقفون العرب وكأن العولمة والتداخل الاقتصادي الذي أخذ صبغة عالمية لم يصلهم بعد.
المسلسل (نور) يقترب من شغاف قلب المرأة العربية والشاب العربي، ليس لأنه ماجن أو يروّج لمحرمات مرغوبة لديهم، وإنما لاقترابه من هموم العربي وتمنياته غير مألوفة.
فالعلاقات الحميمية بين الأزواج مستورة ومخفية وغير معبّر عنها ولا يجوز التصريح بها وكأنها (تابو)لا يدركها الأبناء الكبار. فمثلاً، لا يذكر أحد الأصدقاء أن أباه قد لمس أمه أمامه أو حضنها أو قبـّلها. ويؤكد لنا هذا الصديق أن أباه كان يخشى النجاسة عندما يقترب من أمه(لأنها تنقض الوضوء). وبقيت النجاسة مرتبطة في ذهنه بمسألة الحب . ويتابع : كنت أقوم بعجالة بعد مزاولة الحب مع زوجتي وأذهب إلى الحمام لغسل النجاسة واقوم بالطهارة ولا أخرج من تحت الماء إلا بعد نطق الشهادتين(أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) كي لا أموت على نجاسة.
لست وكيلاً للدفاع عن مهند(الممثل كفانج تاتلبيوغ )وعلاقاته الحبـّية مع النساء وغيرهن. ولست من أنصار نور(الممثلة صونجول اودان) وما تقدمه من مشاهد حميمية على الشاشة. ولكن هذان الممثلان قدّما لنا نموذجاً من العلاقات الانسانية والزوجية التي أربكت (نموذج الزواج العربي)، وطرحت بديلاً ما. كما أن هذه الدراما التركية(نور)،أو (سنوات الضياع) قد خلخلت منظومة القيم العربية المتعلقة بالمرأة والعلاقات ما بين الأشخاص والأزواج خصيصاً.
نستطيع أن نقول أن دراما (نور) قد أفسدت النموذج العربي من الشاعرية والحب والعاطفية في العلاقات الزوجية والحبية. فعاطفية الشرق تكسّرت أمام النموذج التركي. والدراما التركية قدمت لنا بشكل واضح ما يجري في غرف النوم ما بين الأزواج وهذا ما ندر في الدراما العربية التلفزيونية والسينمائية.
ولأن الدراما انعكاس لواقع المجتمع ، فلم نعهد أن قدّمت الدراما العربية علاقات مكشوفة بين الأزواج بهذه الحميمية العاطفية التي خلبت قلوب الشباب والأسرة العربية قاطبة وخلخلت نظم العلائق السائدة وطعنت العلاقات الزوجية العربية السائدة في الصميم. ويمكن أن نقول أن مرضاً جديداً اسمه (نور) تسلل إلى غرف النوم العربية الآن.
المفارقة المهمة في مسلسل (نور) التركي، أنه قدم المجتمع التركي غريباً عن الحالة العربية، وأظهر منظومة العلاقات والقيم بعيدة كل البعد عن منظومة القيم الشرقية العربية. مسلسل (نور) أكد أوروبية تركيا وطرحها (مألوفة/غريبة) عن واقعنا بالرغم من إسلامية الأسرة التركية.. وقدم نموذجاً حديثاً ومعاصراً للاسرة المسلمة في العالم.. بعيداً عن النموذج المألوف عربياً وإسلامياً(الصيغة الوهّابية أو غيرها).
مع تحيات refat