بقلم النائب : الدكتورة سحر القواسمي
عضو المجلس التشريعي عن حركة فتح
كم هي غريبة هذه المرأة الفلسطينية تدفن شهداءها بالأمس وتقوم تمارس حياتها في اليوم التالي من جديد، تسمع بساطير جنود الإحتلال يكسرون الأبواب يحولوا كل ما لملمته يداها الصغيرتان إلى حطام يرحلون ومعهم إبنها وكل كعاب البنادق تركت أثارا في جسده فتقوم تلملم ما بقي وتحاول أن تصنع شيئا من لا شيئ جميلا من جديد وهي متيقنه بعودته وأن الغد سيكون أفضل ، كل يوم تستيقظ مع القهوة وعلى أخبار ..إستشهد فلان في مسيرة، ثم هدم منزل بحجة..، ثم مصادرة أرض.. أعتقل فلان وفلان ..، ولكنها تقوم لتمارس كل مهامها بالإتقان نفسه مؤمنة أن الغد حتما سيكون أجمل ، كم هي رائعة تلك المرأة نموذج شعب كل غزاة الأرض مروا فوق جسده ولكنهم رحلوا وبقي هو وزيتونة رومانية قديمة، مع زعترة برية والصبار يرسمون جغرافية وديمغرافية هذا المكان بلونه الفلسطيني البحت.
كم هي غريبة هذه المرأة الفلسطيني التي محمود درويش يعشق الحياة لأنه إذا ما مات يخجل من دمعتها، هذا شعب ينسج العَلَم والأمل ، يحاول المحتل أن يهدم حلمه وبيته وفرحته، فيقوم ليبني من جديد ينسج وطنا من شعر ويصنع من الآم شعبه هوية ويستيقظ مع إطلالة كل فجر يعيد البناء ولا يستسلم ويفرح وكأنه ملك العالم حين تلتقي عينيه بعيون طفلته الصغيرة، تُكثف الحواجز فلا يعجز من أن يجد المنافذ لا لشيئ إلا لأن يكدح بتعبه وعرقه ويعود سعيدا قد أمن عشاء أبناءه ، هذا الشعب الذي تداعى كل قادة العالم ليحتفلوا بمضي 60 عاما على جرحه نظر إلى كل من لم يأتي وهم كثر على أنهم هم الحقيقه فشكرهم على لسان محمود درويش لأنهم رفضوا الرقص على قبورنا ثم عاد لينسج علما ويبني بيتا ويفلح أرضا ويزرع فرحا ، هذا الشعب بإمرأته وعامله وطفله وحلمه هم صناع الحياة هم الذين نسجوا العلم والحلم والغد الأجمل وأن رحل محمود درويش فنسيجه حي والحياة ستستمر وستقوم المرأة الفلسطينية بتوديعه ثم تنفض الغبار عن ثوبها من جديد وتواصل أعمالها اليومية، هكذا ينتصر صناع الحياة على صناع الموت.
وهكذا إستطاع هذا الشعب أن يحمي هذه الأرض منذ الأزل وهكذا بإرادة الحياة كسر كل الغزاة.
2008-08-10 13:53:56