اليوم، في السادس والعشرين من تموز، تمكن واحد وعشرون قتيلاً/ شهيداً في غزة، بينهما رضيعان، من اجتياز الحواجز العسكرية والأسلاك الشائكة... والتسلّل إلى نشرة الأخبار. لم يُدْلُوا بأي تعليق، إذ وقع الألم منهم قبل الوصول إلى الكلمة. ولم يبوحوا بأسمائهم من فرط ما هي فقيرة وعاديّة. ولم يرفعوا إشارات النصر أمام الكاميرا لازدحام الكاميرا بصُوَرٍ أكثرَ إثارة. الحرب إثارة، مسلسل يقضي فيه الفصلُ الجديدُ على الفصل السابق، ومذبحةٌ تنسخ مذبحة. وحين يصير القتل يومياً يصير عادياً ويتحول القتلى أرقاماً، ويصير الموت إلى روتين، ولا تتجاوز الحرارة درجة الثلاثين. الروتين يسبِّب الملل. والملل يبعد المشاهد عن الشاشة، ويحرم المراسل من العمل. وحين يقلُّ المشاهدون تنضب الإعلانات فتصاب صناعةُ الصورة بالكساد. يضاف إلى ذلك: أن مواقع غزة التصويرية صارت مألوفةً ضعيفةَ الإيحاء. سماءٌ رصاصيّةٌ على أزقة ضيقة في مخيمات لا تطل على البحر. لا مرتفعات هناك، ولا مَشَاهِدَ طبيعية تسرّ المُشَاهِد. كل شيء عادي القتل عادي والجنازة عادية والشوارع رمادية. أَمَّا ما هو غير عادي اليوم، فهو: أن يتمكن واحد وعشرون قتيلاً/ شهيداً من التسلّل الجريء، وبلا مرشدين، إلى نشرة الأخبار!.