"في رأسي أفكار يمكن أن تسبب لي الأذى أو تساعدني. أنا اختار ما يدور في رأسي."
من السّهل الإدمان. كلنا مخلوقات نحب التعود. فالعادات توفر لنا إحساس بالحقيقة والأمان والاستقرار في حياتنا. وعندما يحدث خلل في هذه العادات يصبح إحساسنا بالأمان مهدّدا بسهولة. ولكن عندما نعتمد على عادة تتحكم في حياتنا، فمن السهل أن تتطور هذه العادة إلى إدمان.
والإدمان على الغضب هو أحد أكثر أنواع الإدمان شيوعا وأكثرها فتكا أيضا. والشخص المدمن على الغضب يصبح متعلقا بالشعور الكاذب بالقوة الذي يجلبه الغضب. وبينما ينمو الإدمان، يستهلك أكثر وأكثر من حياتها، ويسبب لنا نتائج مؤلمة.
أما أفضل طريقة للتخلص من الإدمان فهو بالتوقف والنظر مباشرة إلى وجهه، ومعرفة نوابضه، وكيف يعمل ومعرفة التكلفة الضخمة التي ندفعها بسببه. ثمّ نستبدل السلوك القديم بأخر جديد سهل وممتع. وبينما نذوّب إدماننا القديم نستعيد السلطة على حياتنا.
للبدء بتذويب الإدمان الغضب، يجب أن نبدأ بإدراك. ما هو مصدر هذا الإدمان؟ وما هي وظيفته ؟
وظائف الإدمان:
عندما ندمن على أيّ شيء (الغضب، المواد، العلاقات)، تحجب العديد من السمات المزعجة للحياة. وتضيق بؤرة تركيزنا. الإدمان يخدّرنا حتى المشاعر المؤلمة التي قد لا نتمنّى التعامل معها. فالإدمان يعمل كحجز ضدّ القلق. فهو يمنعنا من رؤية وتعامل مع القضايا، التي من الضّروري أن تعالج.
بشكل خاص، الإدمان على الغضب يزودنا بالشعور بالقوة. وهذا في أغلب الأحيان دفاع ضدّ الشعور بالعجز أو النقص. ويعمي العيون عن الحقيقة بينما يتطوّر الإدمان، وبالتالي سيحتاجون أكثر وأكثر منه للشعور بالارتياح. ولا تزداد الجرعة فقط، بل كذلك التأثير السلبي على حياتهم. الإدمان يزوّد شعور مزيّفا بالأمان. في بادئ الأمر يجعل الإدمان الشخص يشعر بالأمان. على أية حال يعمي الإدمان الفرد عن عمل ما يتطلّب عمله لبناء حياة حقيقية مستقرة.
تأثير الإدمان على الغضب:
عندما نشعر بالغضب نملك أحيانا شعورا مؤقتا بالقوّة أو الطاقة أو السلطة أو السيطرة. مثل الكحول، يعمل الاندفاع الغاضب، الذي يسيطر علينا، على حجب المخاوف والشكوك. ويشعر الشخص بإحساس مؤقت من الحرية والسلطة التي نفتقر إليها عادة.
يحجب الغضب أيضا عملية التفكر المنطقيّة، منتج ويولد إحساسا بأننا بالتأكيد على حقّ. بعض الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في اتخاذ قرارات حل المشاكل يمكن أن يقوموا بالقرارات بسهولة أثناء نوبة الغضب. ولكن هذه القرارات غالبا ما تركز على سمة الحالة فقط. ونادرا ما توفر هذه الأنواع من القرارات نتائج إيجابية.
يزوّدنا الغضب كذلك بإحساس التبرير. فبينما تبدو العديد من الأعمال غير مقبولة عندما يكون الشخص هادئا يتغير ذلك عندما تحدث نوبة الغضب. الغضب يشجّعنا أيضا على إفشاء الأفكار والمشاعر السلبية التي ربما حملناها ولم نتحدث عنها. بالطبع، بعد انتهاء نوبة الغضب ، من الصعب إن نكرر ما قلنا. وحتى إذا اعتذرنا فستبقى التأثيرات اللاحقة.
تذويب الإدمان على الغضب:
1) سجل الأوقات التي تشعر فيها بالغضب أو الانزعاج، بالإضافة إلى الأشخاص، والأفكار و الذكريات و الحالات التي تسبب الغضب؟ للآن، لاحظ وأكتب فقط. خلال اليوم، إذا شعرت بالغضب من أي موقف أخر اجلس، ولاحظه، واكتب عنه أيضا. وبدلا من الردّ بصورة عمياء، خذ وقتك الآن للإدراك. عندما تصبح مدرك لطريقة عمل غضبك بالكامل لن يتمكن الغضب من التسلل إلى حياتك مرة أخرى.
2) بحث بديل لردّ الفعل الغاضب التلقائي. بدلا من أن تردّ بنفس الطريقة القديمة في المرة القادمة التي تواجه فيها هذه الحالة توقّف، وتنفّس واخبر نفسك، أنا لن أكون عبدا للغضب أكثر من ذلك. توقف واستمع إلى الشخص وقل لنفسك، "هذا المرة سأتركهم يكونون على حق. هناك الكثير من الوقت الّذي سأكون فيها أنا على صواب. لاحظ كم سيتحسّن وضعك وأنت تسيطر على الغضب.
3) ابحث عن طريقة جديدة للنظر إلى الحالة. بدلا من أن تراهم كعدو، اخبر نفسك بأنّ غضبهم هو في الحقيقة طريقة لطلب النجدة. ومصدره الألم والنزاع الداخلي. بدلا من أن الاستعداد للهجوم، قل لهذا الشخص (أمّا في رأسك أو بصوت مسموع)، "كيف أساعدك؟ " لن تهدئ هذه العبارة من غضبه فقط، بل ستفتح أبواب جديدة لكلاكما.